هذا الحديث أصل عظيم في أعمال القلوب؛ لأن النيات من أعمال القلوب، قال العلماء: ( وهذا الحديث نصف العبادات )؛ لأنه ميزان الأعمال الباطنة وحديث عائشة رضي الله عنها: { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } وفي لفظ آخر: { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } نصف الدين؛ لأنه ميزان الأعمال الظاهرة فيستفاد من قول النبي : { إنما الأعمال بالنيات } أنه ما من عمل إلا وله نية؛ لأن كل إنسان عاقل مختار لا يمكن أن يعمل عملاً بلا نية، حتى قال بعض العلماء: ( لو كلفنا الله عملاً بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق ) ويتفرع على هذه الفائدة:
الرد على الموسوسين الذين يعملون الأعمال عدة مرات، ثم يقول لهم الشيطان: إنكم لم تنووا. فإننا نقول لهم: لا، لا يمكن أبداً أن تعملوا عملاً إلا بنية فخففوا على أنفسكم ودعوا هذه الوساوس.
ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان يؤجر أو يؤزر أو يحرم بحسب نيته لقول النبي : { فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله }.
ويستفاد من هذا الحديث أيضاً أن الأعمال بحسب ما تكون وسيلة له، فقد يكون الشيء المباح في الأصل يكون طاعة إذا نوى به الإنسان خيراً، مثل أن ينوي بالأكل والشرب التقوي على طاعة الله؛ ولهذا قال النبي : { تسحروا فإن في السحور بركة }.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للمعلم أن يضرب الأمثال التي يتبين بها الحكم، وقد ضرب النبي لهذا مثلاً بالهجرة، وهي الإنتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وبيّن أن الهجرة وهي عمل واحد تكون لإنسان أجراً وتكون لإنسان حرماناً، فالمهاجر الذي يهاجر إلى الله ورسوله هذا يؤجر ويصل إلى مراده، والمهاجر لـدنيا يصـيبها أو امرأة يتزوجها يُحرم من هذا الأجر. وهذا الحديث يدخل في باب العبادات وفي باب المعاملات وفي باب الأنكحة وفي كل أبواب الفقه.